الدرس ٨
«أُعيِّن عليها راعيًا واحدًا»
فكرة الدرس الرئيسية: أربع نبوات عن المسيا وإتمامها بيسوع المسيح
١-٣ لماذا قلبُ حزقيال مليء بالحزن، وماذا أوحى إليه يهوه أن يكتب؟
إنها السنة السادسة من أسر حزقيال في بابل. a مضى وقت طويل ولا يزال هذا النبي بعيدًا مئات الكيلومترات عن موطنه. وكلما فكَّر في أرضه الحبيبة يهوذا، امتلأ قلبه بالحزن؛ فبلده يمر بمرحلة سوداء. حاكمٌ يروح وحاكم يجيء، والوضع من سيئ إلى أسوأ.
٢ وُلد حزقيال في منتصف حكم الملك الأمين يوشيا. ولا شك أنه فرح كثيرًا عندما سمع عن الحملة التي قام بها هذا الملك ليُدمِّر المنحوتات ويرد العبادة النقية في يهوذا. (٢ أخ ٣٤:١-٨) لكن الإصلاحات التي قام بها يوشيا لم تدم طويلًا. فالملوك بعده لم يُكملوا مسيرته، بل عبدوا يهوه بالاسم فقط. فليس غريبًا مع ملوك كهؤلاء أن ينحطَّ الشعب أكثر فأكثر روحيًّا وأخلاقيًّا. ولكن هل يعني هذا أن لا أمل لشعب اللّٰه؟ أبدًا.
٣ أوحى يهوه إلى نبيِّه الأمين أن يكتب عدة نبوات عن المسيا. وهذا المسيا هو حاكم وراعٍ سيأتي في المستقبل ليردَّ العبادة النقية إلى الأبد ويهتم برقة بخراف يهوه. ومهم جدًّا أن نتأمل بدقة في هذه النبوات لأن إتمامها يؤثِّر في حياتنا إلى الأبد. لنُناقش أربع نبوات عن المسيا من سفر حزقيال.
‹غصن جديد طري› يصير «شجرة أرز شامخة»
٤ ماذا تُظهر نبوة حزقيال، وماذا وجَّهه يهوه أن يفعل في البداية؟
٤ نحو سنة ٦١٢ قم، ‹كلَّم يهوه حزقيال› ونقل إليه نبوة تُظهر كم سيكون حكم المسيا شاملًا وكم مهم أن يثق شعب اللّٰه بمملكة المسيا. في البداية، وجَّه يهوه حزقيال أن يُخبر الأسرى عن لغز نبوي. وهذا اللغز يُصوِّر عدم أمانة حكام يهوذا ويُظهر الحاجة إلى حاكم صالح: المسيا. — حز ١٧:١، ٢.
٥ تحدَّث عن اللغز باختصار.
٥ إقرأ حزقيال ١٧:٣-١٠. يمكننا أن نُلخِّص هذا اللغز كما يلي: ‹نسر عظيم› يقطع أعلى غصن جديد من شجرة أرز ويزرعه في «مدينة للتجار». ثم يأخذ هذا النسر «بعض البذور من الأرض» ويزرعها في حقل للزراعة «قرب مياه كثيرة». فتنبت هذه البذور وتصير «كرمة ممتدة». لاحقًا، يظهر «نسر عظيم آخر». فتمدُّ الكرمة جذورها إليه «باندفاع»، وكأنها تطلب منه أن يزرعها في مكان آخر فيه أيضًا مياه كثيرة. لكن يهوه لا يقبل أبدًا بهذا التصرف ويقول إن هذه الكرمة سوف «تيبس تمامًا» وتُقتَلع جذورها.
٦ ما معنى اللغز؟
٦ ما معنى هذا اللغز؟ (إقرأ حزقيال ١٧:١١-١٥.) سنة ٦١٧ قم، حاصر نبوخذنصر ملك بابل (أول ‹نسر عظيم›) مدينة أورشليم. ثم أخذ نبوخذنصر يهوياكين ملك يهوذا («أعلى غصن جديد») من عرشه وجلبه إلى بابل («مدينة للتجار»). بعد ذلك، وضع نبوخذنصر صدقيا (أحد «البذور» الملكية في يهوذا) على العرش في أورشليم. وهذا الملك الجديد أُجبِر أن يحلف باسم اللّٰه أن يظل تابعًا وليًّا لنبوخذنصر. (٢ أخ ٣٦:١٣) لكن صدقيا لم يحترم قسَمه، بل تمرَّد على بابل وطلب المساعدة العسكرية من فرعون ملك مصر (‹النسر العظيم الآخر›). لكن جهوده كلها فشلت. فيهوه لم يقبل أبدًا بخيانة صدقيا الذي لم يحترم قسَمه. (حز ١٧:١٦-٢١) وفي النهاية، عُزل صدقيا عن العرش ومات في السجن في بابل. — إر ٥٢:٦-١١.
٧ ماذا نتعلم من لغز حزقيال النبوي؟
٧ ماذا نتعلم من هذا اللغز النبوي؟ أولًا، بما أننا نقدِّم ليهوه عبادة نقية، يجب أن نلتزم بكلامنا. قال يسوع: «كلمتكم ‹نعم› يجب أن تعني نعم، وكلمتكم ‹لا› يجب أن تعني لا». (مت ٥:٣٧) وإذا اضطُررنا أن نحلف باللّٰه، في المحكمة مثلًا، فعلينا أن ننظر إلى هذا القسَم بجدية. ثانيًا، يجب أن نعرف بمَن علينا أن نضع ثقتنا. فالكتاب المقدس يحذِّرنا: «لا تتَّكلوا على الحكام، ولا على أي إنسان لأنه لا يقدر أن يُخلِّص». — مز ١٤٦:٣.
٨-١٠ ماذا أنبأ يهوه عن المسيا الحاكم الذي سيأتي، وكيف تمَّت هذه النبوة؟ (أُنظر أيضًا الإطار «نبوة عن المسيا: شجرة الأرز الضخمة».)
٨ ولكن هناك حاكم يستحق ثقتنا الكاملة. فبعد اللغز النبوي عن الغصن الجديد، يستخدم يهوه الوصف نفسه ليُخبر حزقيال عن المسيا الحاكم الذي سيأتي في المستقبل.
٩ ماذا تقول النبوة؟ (إقرأ حزقيال ١٧:٢٢-٢٤.) هذه المرة لا تتحدث النبوة عن نسور عظيمة، بل عن يهوه. فهو بنفسه سيتصرَّف: سيأخذ غصنًا جديدًا طريًّا «من رأس شجرة الأرز الشامخة» ويزرعه «على جبل مرتفع جدًّا». وهذا الغصن الجديد سينمو و «يصير شجرة أرز شامخة» تعيش فيها «كل أنواع الطيور». عندئذٍ، ستعرف «كل أشجار الحقل» أن يهوه هو بنفسه مَن جعل هذه الشجرة الشامخة تنمو.
١٠ كيف تمَّت هذه النبوة؟ أخذ يهوه ابنه يسوع المسيح من السلالة الملكية لداود («شجرة الأرز الشامخة») وزرعه على جبل صهيون («جبل مرتفع جدًّا»). (مز ٢:٦؛ إر ٢٣:٥؛ رؤ ١٤:١) فيهوه أخذ ابنه، الذي كان «أدنى الناس» في نظر أعدائه، وأعطاه «عرش أبيه داود». وهكذا يكون قد رفَّعه. (دا ٤:١٧؛ لو ١:٣٢، ٣٣) ومثل شجرة أرز شامخة، سيحكم هذا المسيا، الملك يسوع المسيح، على كل الأرض. وكل الذين يعيشون تحت حكمه سيتمتعون ببركات كثيرة. وهم ‹سيسكنون بأمان، ولن يخافوا من أي مصيبة›. (أم ١:٣٣) فهل هناك حاكم أفضل منه يستحق ثقتنا؟!
١١ أي درس مهم نتعلمه من النبوة عن ‹الغصن الجديد الطري›؟
١١ ماذا نتعلم من هذه النبوة؟ هذه النبوة الرائعة عن ‹الغصن الجديد الطري› تُساعدنا أن نجيب على أهم سؤال: بمَن سنضع ثقتنا؟ من الغباء أن نثق بحكومات البشر وقواتهم العسكرية. فكي نجد الأمان الحقيقي، علينا أن نضع ثقتنا الكاملة بالمسيا. فمملكة المسيح السماوية هي الأمل الوحيد للبشرية. — رؤ ١١:١٥.
«الذي لديه الحق الشرعي»
١٢ كيف أظهر يهوه بوضوح أنه لم يتخلَّ عن عهده مع داود؟
١٢ بعدما شرح يهوه اللغز النبوي عن النسرَين، فهم حزقيال أمرًا مهمًّا. فملك أورشليم المتمرد صدقيا، الذي كان من سلالة داود الملكية، سيُعزَل عن العرش ويُؤخَذ أسيرًا إلى بابل. ولكن ربما تساءل هذا النبي: ‹ماذا عن عهد اللّٰه مع داود؟ ألم يَعِده يهوه أن سلالته ستظل تحكم إلى الأبد؟›. (٢ صم ٧:١٢، ١٦) إذا خطر على بال حزقيال هذا السؤال، فقد أتاه الجواب بعد فترة قصيرة. فنحو سنة ٦١١ قم، في السنة السابعة من الأسر فيما كان صدقيا لا يزال يحكم في يهوذا، ‹كلَّم يهوه حزقيال› وطلب منه أن ينقل نبوة أخرى عن المسيا. (حز ٢٠:٢) هذه النبوة بيَّنت بوضوح أن اللّٰه لم يتخلَّ عن عهده مع داود. على العكس تمامًا، أظهرت هذه النبوة أن المسيا الذي سيأتي في المستقبل سيكون لديه الحق الشرعي ليحكم لأنه سيكون من سلالة داود.
١٣، ١٤ ماذا أنبأ يهوه في حزقيال ٢١:٢٥-٢٧، وكيف تمَّت النبوة؟
١٣ ماذا تقول النبوة؟ (إقرأ حزقيال ٢١:٢٥-٢٧.) من خلال حزقيال، وجَّه يهوه رسالة واضحة إلى «رئيس إسرائيل الشرير» الذي جاء وقت حسابه. فيهوه أخبره أن ‹عمامته الملكية› و ‹تاجه›، إشارة إلى سلطته كملك، سيُؤخذان منه. بعد ذلك، ‹ستُرفَّع› القوى الحاكمة التي اعتُبرت ‹محتقرة› وتحل محل القوى الحاكمة التي كانت مُرفَّعة. وهذه القوى الحاكمة التي كانت محتقرة لكنها رُفِّعَت ستظل تحكم إلى أن يأتي «الذي لديه الحق الشرعي». عندئذٍ، يعطيه يهوه المملكة.
١٤ كيف تمَّت هذه النبوة؟ سنة ٦٠٧ قم، دمَّر البابليون أورشليم عاصمة يهوذا وعزلوا الملك صدقيا عن العرش ثم أسروه. وهكذا أُنزِلت مملكة يهوذا ‹المُرفَّعة›. وبما أنه لم يعد هناك ملك من سلالة داود يحكم في أورشليم، رُفِّعت قوى الأمم ‹المحتقرة› وبدأت تحكم على كل الأرض، ولكن لفترة محدودة فقط. فأزمنة الأمم، أو «الوقت المحدَّد للأمم»، انتهت سنة ١٩١٤ عندما أعطى يهوه الحكم إلى يسوع المسيح. (لو ٢١:٢٤) وبما أن يسوع هو من نسل الملك داود، فهو لديه «الحق الشرعي» ليحكم على مملكة المسيا. b (تك ٤٩:١٠) وهكذا من خلال يسوع، وفى يهوه بوعده لداود أن تظل سلالته تحكم إلى الأبد. — لو ١:٣٢، ٣٣.
١٥ لماذا نثق ثقة مطلقة بالملك يسوع المسيح؟
١٥ ماذا نتعلم من هذه النبوة؟ بإمكاننا أن نثق ثقة مطلقة بالملك يسوع المسيح. لماذا؟ الحكام البشر يصلون إلى مراكزهم بالقوة أو ينتخبهم أشخاص ناقصون. أما يسوع فلديه الحق الشرعي أن يحكم، وقد اختاره يهوه اللّٰه شخصيًّا و‹أعطاه مملكة›. (دا ٧:١٣، ١٤) وإذا كان يهوه نفسه يثق بهذا الملك، فلا شك أنه يستاهل ثقتنا نحن أيضًا.
«خادمي داود . . . يكون راعيها»
١٦ كيف يشعر يهوه تجاه خرافه، وكيف كان «رعاة إسرائيل» أيام حزقيال يُعاملون الشعب؟
١٦ يهوه هو أعظم راعٍ على الإطلاق ويهمُّه كثيرًا خير خرافه، أي خدامه على الأرض. (مز ١٠٠:٣) وعندما يوكل رعاةً بشريين، أي الذين لديهم مسؤولية في الجماعة، أن يهتموا بخرافه، يراقب جيدًا كيف يعاملون خرافه. تخيَّل إذًا كيف شعر يهوه تجاه «رعاة إسرائيل» أيام حزقيال. فبكل وقاحة، تسلَّطوا على الإسرائيليين «بقسوة واستبداد». وبالنتيجة، كان وضع الخراف مأساويًّا، وكثيرون تركوا العبادة النقية. — حز ٣٤:١-٦.
١٧ كيف أنقذ يهوه خرافه؟
١٧ فماذا فعل يهوه؟ قال عن حكام إسرائيل القساة: «سأجعلهم يقدِّمون حسابًا على الطريقة التي عاملوا بها خرافي». ووعد أيضًا: «سأُنقذ خرافي». (حز ٣٤:١٠) ويهوه يفي بوعوده دائمًا. (يش ٢١:٤٥) لذلك سنة ٦٠٧ قم، استعمل يهوه البابليين ليُزيلوا هؤلاء الرعاة الأنانيين. وهكذا أنقذ خرافه منهم. وبعد ٧٠ سنة، أنقذ خدامه الأمناء من بابل وأعادهم إلى موطنهم كي يردوا العبادة النقية هناك. لكن خراف يهوه ظلَّت ضعيفة لأنها بقيت تحت سيطرة قوى عالمية. ‹فالوقت المحدَّد للأمم› ما كان لينتهي قبل أن تمر مئات السنين. — لو ٢١:٢٤.
١٨، ١٩ بماذا تنبَّأ حزقيال سنة ٦٠٦ قم؟ (أُنظر الصورة في بداية الدرس.)
١٨ سنة ٦٠٦ قم، أي بعد سنة تقريبًا من دمار أورشليم وقبل عشرات السنين من تحرير الإسرائيليين من الأسر في بابل، أوحى يهوه إلى حزقيال أن ينقل إليهم نبوة. وهذه النبوة تُظهر كم يهتم الراعي العظيم يهوه بخرافه ويحب أن يراهم دائمًا بخير. فهي تصف كيف سيرعى المسيا الحاكم خراف يهوه.
١٩ ماذا تقول النبوة؟ (إقرأ حزقيال ٣٤:٢٢-٢٤.) قال يهوه: «أُعيِّن على [خرافي] راعيًا واحدًا»، ودعا هذا الراعي «خادمي داود». لاحِظ أن يهوه وعد أن يُقيم «راعيًا واحدًا» واستعمل كلمة «خادمي» بالمفرد بدل أن يقول «خدامًا». لماذا؟ لأن هذا الحاكم سيكون آخر ملك من سلالة داود وسيبقى إلى الأبد، ولن يأتي بعده ملوك من هذه السلالة. وهذا الراعي الحاكم سيُطعم خراف اللّٰه ويكون «رئيسًا بينهم». واللّٰه من جهته سيعمل «عهد سلام» مع خرافه. وبالنتيجة، «ستنزل البركات [عليهم] مثل المطر الغزير»، ويتلذَّذون بالأمان والازدهار. حتى إن السلام لن يكون موجودًا فقط بين الإنسان وأخيه الإنسان، بل أيضًا بين الإنسان والحيوان. — حز ٣٤:٢٥-٢٨.
٢٠، ٢١ (أ) كيف تمَّت النبوة عن الحاكم الذي دعاه يهوه «خادمي داود»؟ (ب) كيف يؤثِّر في مستقبلنا ما قاله حزقيال عن «عهد سلام»؟
٢٠ كيف تمَّت هذه النبوة؟ عندما دعا يهوه الحاكم «خادمي داود»، كان يُشير نبويًّا إلى يسوع المسيح الذي كان سيأتي من نسل داود ولديه الحق الشرعي أن يحكم. (مز ٨٩:٣٥، ٣٦) وبالفعل، عندما كان يسوع على الأرض، برهن أنه «الراعي الصالح». فهو ضحَّى بحياته «من أجل الخراف». (يو ١٠:١٤، ١٥) أما اليوم فراعينا يسوع المسيح هو في السماء. (عب ١٣:٢٠) فسنة ١٩١٤، عيَّن اللّٰه يسوع ليكون ملكًا ووكَّله أن يرعى خرافه على الأرض ويُطعمهم. وبعد فترة قصيرة، تحديدًا سنة ١٩١٩، عيَّن هذا الملك الجديد «العبد الأمين الحكيم» ليُطعم «الخدم»، أي كل عباد يهوه الأولياء سواء كان رجاؤهم سماويًّا أو أرضيًّا. (مت ٢٤:٤٥-٤٧) وقد أمَّن هذا العبد الطعام الروحي لخراف يهوه ولا يزال يؤمِّنه حتى يومنا. وبفضل هذا الطعام، نعيش بسلام وأمان في الفردوس الروحي الذي يتوسَّع أكثر فأكثر.
٢١ إذًا، تكلَّم حزقيال عن «عهد سلام» وعن بركات كثيرة. فكيف يؤثِّر ذلك في مستقبلنا؟ في العالم الجديد، كل الذين يقدِّمون ليهوه عبادة نقية سيتمتعون إلى أقصى حد بالبركات التي تأتي من ‹عهد السلام›. فهؤلاء البشر الأمناء سيعيشون في جنة حرفية تُغطي الأرض كلها. وفي هذا العالم، سينسون الحرب والجريمة والمجاعة والمرض والحيوانات المفترسة. (إش ١١:٦-٩؛ ٣٥:٥، ٦؛ ٦٥:٢١-٢٣) ألا تفرح حين تفكِّر أن لديك الفرصة أن تعيش إلى الأبد في جنة على الأرض؟ ألا تفرح حين تفكِّر أن خراف يهوه «سيسكنون بأمان ولن يخيفهم أحد»؟ — حز ٣٤:٢٨.
٢٢ كيف يشعر يسوع تجاه الخراف، وكيف يتمثَّل به الذين يخدمون كرعاة؟
٢٢ ماذا نتعلم من هذه النبوة؟ يهتم يسوع كثيرًا بخير الخراف، تمامًا مثل أبيه. فهذا الراعي حريص أن يعيش خراف أبيه بسلام وأمان في الفردوس الروحي ويكون لديهم وفرة من الطعام. فهل هناك أجمل من أن يهتم بنا حاكم كهذا؟! أيضًا، يجب على كل الذين يخدمون كرعاة أن يهتموا بالخراف تمامًا مثلما يهتم هو. فعلى الشيوخ أن يرعوا رعية اللّٰه ‹من كل قلبهم› و «باندفاع»، وأن يكونوا أمثلة للخراف. (١ بط ٥:٢، ٣) ومهم جدًّا أن لا يعاملوا أي واحد من خراف يهوه معاملة سيئة. لنُبقِ في بالنا ما قاله يهوه عن رعاة إسرائيل القساة أيام حزقيال: «سأجعلهم يُقدِّمون حسابًا على الطريقة التي عاملوا بها خرافي». (حز ٣٤:١٠) فيهوه، أعظم راعٍ على الإطلاق، يراقب جيدًا كيف تُعامَل خرافه، وهذا ما يفعله ابنه أيضًا.
«يكون خادمي داود رئيسهم إلى الأبد»
٢٣ ماذا وعد يهوه بشأن توحيد أمة إسرائيل، وكيف تمَّ ذلك؟
٢٣ يريد يهوه أن يخدمه كل عباده بوحدة. وفي نبوة عن الرد، وعد اللّٰه أن يجمع شعبه، أي مملكة يهوذا التي تتألف من سبطَين ومملكة إسرائيل التي تتألف من عشرة أسباط، ويُوحِّدهم مثل «أمة واحدة»، كأنه يجمع ‹عصوَين› لتصيرا ‹عصًا واحدة في يده›. (حز ٣٧:١٥-٢٣) وهل تمَّت هذه النبوة؟ نعم. فسنة ٥٣٧ قم، جمعهم يهوه ووحَّدهم في أمة واحدة في أرض الموعد. c وهذه الوحدة ليست إلا مثالًا صغيرًا عن وحدة أكبر تدوم فترة أطول. فبعدما وعد يهوه أن يُوحِّد إسرائيل، طلب من حزقيال أن ينقل نبوة تُظهر كيف سيجمع الحاكم الذي سيأتي في المستقبل العباد الحقيقيين من كل الأرض ويُوحِّدهم إلى الأبد.
٢٤ كيف يصف يهوه المسيا الحاكم، وماذا سيُميِّز حكمه؟
٢٤ ماذا تقول النبوة؟ (إقرأ حزقيال ٣٧:٢٤-٢٨.) في هذه الآيات، يدعو يهوه المسيا مجدَّدًا «خادمي داود»، ‹راعيًا واحدًا›، و ‹رئيسًا›. ولكن هذه المرة يدعوه أيضًا ‹ملكًا›. (حز ٣٧:٢٢) فماذا يُميِّز حكم هذا الملك؟ لن يزول حكمه أبدًا. على ما يبدو، استُخدمَت عبارة «إلى الأبد» للإشارة أن الشعب الذي يعيش تحت حكم هذا الملك سيظل يتمتع بالبركات إلى ما لا نهاية. d سيتميَّز حكمه بالوحدة. رعايا هذه المملكة سيكون لديهم «ملك واحد»، سيتبعون ‹الأحكام› نفسها، و ‹سيسكنون في الأرض› بسلام. سيُقرِّب حكمه الشعب إلى يهوه اللّٰه. سيعمل يهوه «عهد سلام» مع كل الذين يعيشون تحت حكم هذا الملك؛ سيكون يهوه إلههم وسيكونون هم شعبه، وسيظل مكانه المقدس «بينهم إلى الأبد».
٢٥ كيف تمَّت النبوة عن المسيا الملك؟
٢٥ كيف تمَّت هذه النبوة؟ سنة ١٩١٩، اتَّحد المختارون الأمناء تحت قيادة «راعٍ واحد» هو المسيا الملك يسوع المسيح. ولاحقًا، انضم إلى هؤلاء المختارين ‹جمع كثير› «من كل الأمم والقبائل والشعوب واللغات». (رؤ ٧:٩) وهكذا صاروا «رعية واحدة» تحت قيادة «راعٍ واحد». (يو ١٠:١٦) وسواء كان رجاؤهم سماويًّا أو أرضيًّا، كلهم يُطيعون أحكام اللّٰه. لذلك يعيشون معًا في فردوس روحي كعائلة عالمية موحَّدة. ويهوه يُبارك هذا الشعب بالسلام. ولا يزال ‹مكانه المقدس›، الذي يُمثِّل العبادة النقية، في وسطهم. بكلمات أخرى، يهوه هو إلههم وهم فخورون أن يكونوا عباده الآن وإلى الأبد.
٢٦ كيف تُحافظ على الوحدة في الفردوس الروحي الذي نعيش فيه؟
٢٦ ماذا نتعلم من هذه النبوة؟ لدينا امتياز كبير أن نكون جزءًا من عائلة عالمية موحَّدة تُقدِّم ليهوه عبادة نقية. لكن هذا الامتياز الكبير ترافقه مسؤولية كبيرة: أن نساهم في هذه الوحدة. وبالتالي، علينا جميعًا أن نقوم بدورنا لنحافظ على الوحدة في المعتقدات والتصرفات. (١ كو ١:١٠) وكي نصل إلى هذا الهدف، علينا أن نأكل بشهية من نفس الطعام الروحي، نتبع نفس المبادئ الأخلاقية الموجودة في الكتاب المقدس، ونشارك في نفس العمل المهم، عمل التبشير والتعليم. لكن سر وحدتنا هو المحبة. فعندما نبذل جهدنا لننمي المحبة ونُظهرها بمختلف أشكالها، مثل التعاطف والحنان والمسامحة، نساهم في زيادة الوحدة بيننا. فالكتاب المقدس يقول إن «المحبة» هي «رباط وحدة كامل». — كو ٣:١٢-١٤؛ ١ كو ١٣:٤-٧.
٢٧ (أ) كيف تُفيدنا النبوات عن المسيا في سفر حزقيال؟ (ب) ماذا سنرى في الدروس التالية؟
٢٧ نحن نشكر يهوه كثيرًا لأنه أعطانا هذه النبوات عن المسيا في سفر حزقيال. فقراءة هذه النبوات والتأمل فيها يُعلِّماننا أن ملكنا المحب يسوع المسيح يستاهل ثقتنا، لديه الحق الشرعي ليحكم، يرعانا برقة، ويُوحِّدنا إلى الأبد. فعلًا، إنه امتياز كبير أن نعيش تحت حكم المسيا الملك. ولكن لنُبقِ في بالنا أن هذه النبوات عن المسيا هي جزء من الموضوع الأساسي في سفر حزقيال، وهو موضوع الرد. فمن خلال يسوع، يجمع يهوه شعبه ويردُّ العبادة النقية بينهم. (حز ٢٠:٤١) وفي الدروس التالية، سنتحدث عن موضوع الرد المشوِّق وسنرى كيف يُناقشه سفر حزقيال.
a أول سنة من الأسر كانت عام ٦١٧ قم. آنذاك، أُخذَت أول مجموعة من الأسرى اليهود إلى بابل. وهكذا تكون سنة ٦١٢ قم هي السنة السادسة من السبي.
b إن سلسلة نسب يسوع التي ترجع إلى داود محفوظة بدقة في الأناجيل المكتوبة بوحي من اللّٰه. — مت ١:١-١٦؛ لو ٣:٢٣-٣١.
d يقول أحد المراجع عن الكلمة العبرانية التي تُترجَم إلى «الأبد»: «هذه الكلمة لا تُعبِّر فقط عن فترة زمنية ممتدة، بل تحمل أيضًا معنى الاستمرارية والديمومة وعدم التغيُّر وعدم القابلية للإلغاء».