تسهِّل عليك التكنولوجيا اليوم وبكبسة زر ان تتَّصل بأكبر عدد ممكن من الناس.‏ مع ذلك،‏ تشعر ان علاقتك بهم سطحية.‏ يقول شاب عمره ٢٤ سنة:‏ «احس ان صداقاتي قد تتبخَّر في لحظة.‏ اما ابي فلديه اصدقاء مقرَّبون منذ عشرات السنين».‏

فلمَ يصعب عليك بناء صداقات حقيقية هذه الايام؟‏

التكنولوجيا ملومة بعض الشيء.‏ توهم وسائل التواصل الاجتماعي والرسائل النصية الناس ان بإمكانهم الحفاظ على اصدقائهم دون ان يتواجدوا معهم.‏ فزمن المحادثات الصادقة ولَّى وحلَّ محله سيل من التغريدات والرسائل النصية.‏ يقول كتاب نضج زائف ‏(‏بالانكليزية)‏ ان «تواصل الناس وجها لوجه يقلُّ شيئا فشيئا».‏ ثم يضيف:‏ «يمضي التلاميذ وقتا اكبر امام الوسائل الالكترونية عوض التواجد معا».‏

كما ان التكنولوجيا تنقل احيانا صورة مضخَّمة عن الصداقات،‏ فتبدو اقوى مما هي عليه حقا.‏ يقول براين * (‏٢٢ عاما)‏:‏ «لاحظت مؤخرا اني ابادر دائما الى الاطمئنان على اصدقائي عبر الرسائل النصية.‏ فقرَّرت التوقف عن مراسلتهم لأرى كم شخصا منهم سيبادر الى الاتصال بي.‏ فلم يتصل بي سوى عدد قليل جدا.‏ من الواضح اذًا ان البعض لم يكونوا اصدقاء احماء كما ظننت».‏

ولكن ألا تبقيك وسائل التواصل الاجتماعي والرسائل النصية على اتصال بأصدقائك وبالتالي تقوِّي علاقتك بهم؟‏ بلى،‏ شرط ان تتواصل معهم وجها لوجه ايضا.‏ فهذه الوسائل وحدها لا تقرِّبك منهم في احيان كثيرة وبالكاد تبني جسور التواصل بينكم.‏

حدِّد مفهوم الصداقة الحقيقية.‏ يقول الكتاب المقدس ان الصديق الحقيقي «ألصق من الاخ».‏ (‏امثال ١٨:‏٢٤‏)‏ فهل تبحث عن صديق كهذا؟‏ وهل انت كذلك؟‏ للاجابة عن هذين السؤالين،‏ دوِّن ٣ صفات ترغبها في صديقك.‏ ثم دوِّن ٣ صفات تتحلَّى بها انت وتُغنِي بها صداقاتك.‏ واسأل نفسك:‏ ‹اي ممَّن اتواصل معهم عبر الانترنت يتحلَّى بصفات احبها في الاصدقاء؟‏ وأي صفات يقول اصدقائي اني أتحلَّى بها؟‏›.‏ —‏ مبدأ الكتاب المقدس:‏ فيلبي ٢:‏٤‏.‏

رتِّب اولوياتك.‏ غالبا ما تجمع الاهتمامات المشتركة،‏ كالهوايات مثلا،‏ الاصدقاء على الانترنت.‏ الا ان القيم المشتركة اهم من الاهتمامات المشتركة.‏ تقول لين (‏٢١ سنة)‏:‏ «يشجِّعني اصدقائي،‏ رغم قلَّتهم،‏ على تحسين شخصيتي».‏ ‏—‏ مبدأ الكتاب المقدس:‏ امثال ١٣:‏٢٠‏.‏

اختلِط بالناس.‏ لا شيء يضاهي الحديث وجها لوجه،‏ لأنه يتيح لك ملاحظة اصغر التفاصيل،‏ من نبرة الصوت الى تعابير الوجه وحركات الجسم.‏ ‏—‏ مبدأ الكتاب المقدس:‏ ١ تسالونيكي ٢:‏١٧‏.‏

اكتب رسالة خطية.‏ قد تقول في نفسك:‏ ‹هذه الفكرة عتيقة جدا!‏›.‏ لكنَّ تخصيص الوقت لكتابة رسالة الى صديق يعني انك تخصه باهتمامك كله،‏ امر لافت في عالم يشجِّعك ان تصرف اهتمامك الى عدة امور في الوقت نفسه.‏ مثلا،‏ كتبت شيري تيركل في كتابها نحن معا،‏ لكنَّنا وحيدون ‏(‏بالانكليزية)‏ عن شاب يتأسف لأنه لم يتلقَّ ولا مرة في حياته رسالة شخصية.‏ يقول:‏ «أفتقد زمن المراسلات الخطية مع انني لم اكن موجودا آنذاك».‏ فما رأيك لو تستعمل هذه ‹التقنية القديمة› لبناء صداقات؟‏

الخلاصة:‏ لا تقتصر الصداقة الحقيقية على الاتصال بصديقك من وقت الى آخر.‏ فالصداقة مفيدة وممتعة حين يظهر كل منكما للطرف الآخر المحبة،‏ التعاطف،‏ طول البال،‏ والمسامحة.‏ وهذه الصفات يصعب الاعراب عنها في حال كانت الانترنت صلة الوصل الوحيدة بينكما.‏