الانتقال الى المحتويات

الانتقال إلى المحتويات

 موضوع الغلاف

الخروج من دوامة العنف المنزلي

الخروج من دوامة العنف المنزلي

المشهد الاول:‏ يزور والدا سهى * ابنتهما،‏ فيقضيان برفقتها ورفقة زوجها امسية ممتعة تتخللها احاديث مسرة.‏ ويريان كم يعاملها زوجها برقة وحنان.‏ فأي والدين لا يفتخران بصهر كهذا؟‏!‏

المشهد الثاني:‏ يغلي فؤاد من الغيظ.‏ وما هي إلا دقائق حتى يشفي غليله كعادته.‏ فيضرب زوجته على وجهها،‏ يركلها،‏ يشد شعرها،‏ او يدق رأسها بالحائط مرة بعد مرة.‏

هل تتفاجأ ان علمت ان هذين المشهدين يصفان الزوجين عينهما؟‏

يعرف فؤاد،‏ على غرار كثيرين من المعنِّفين،‏ كيف يظهر بمظهر «الرجل الطيب» في العلن او بمرأى من حمويه.‏ ولكن ما ان ينفرد بزوجته حتى يتحول الى وحش كاسر.‏

يترعرع رجال عديدون كفؤاد في بيوت مليئة بالعنف،‏ فيعتقدون عندما يصبحون راشدين ان  المسلك العنيف مقبول او طبيعي.‏ لكن شتان بين السلوك الطبيعي والعنف الاسري.‏ فلا عجب اذًا ان يشمئز معظم الناس عندما يعرفون ان رجلا يتهجم على زوجته.‏

غير ان العنف المنزلي ظاهرة شائعة الى درجة مقلقة.‏ على سبيل المثال،‏ تعاملت وزارة التنمية الاجتماعية في الاردن مع ٬٢٠٠‏١ حالة عنف ضد النساء عام ٢٠٠٦.‏ كما وجد احد الاستطلاعات في الولايات المتحدة ان الخطوط الساخنة المخصصة لهذه المشكلة تتلقى يوميا اكثر من ١٦ اتصالا في الدقيقة كمعدل.‏ وهذه المشكلة وباء عالمي لا تردعه اية فروقات حضارية واقتصادية واجتماعية.‏ وبما ان حوادث كثيرة لا يبلَّغ عنها،‏ فإن الوضع اسوأ بكثير مما تكشفه الاحصاءات.‏ *

نظرا الى التقارير عن العنف المنزلي،‏ لا يسعنا الا ان نتساءل:‏ كيف لرجل ان يعامل احدا،‏ ولا سيما زوجته،‏ بهذه الوحشية؟‏ وهل يمكن مساعدة المعنِّفين؟‏

يعتقد شهود يهوه،‏ ناشرو هذه المجلة،‏ ان مشورة الكتاب المقدس العملية تساعد الازواج العنفاء على تغيير سلوكهم.‏ فهل هذه العملية سهلة؟‏ كلا.‏ ولكن هل هي ممكنة؟‏ طبعا.‏ فتعليم الكتاب المقدس يساعد كثيرين ان يطرحوا عنهم الشخصية العنيفة ويتحلوا باللطف والاحترام.‏ (‏كولوسي ٣:‏​٨-‏١٠‏)‏ اليك مثال تروي وڤاليري.‏

كيف كانت علاقتكما في البداية؟‏

ڤاليري:‏ في ليلة خطبتنا،‏ صفعني تروي بقوة لدرجة ان الكدمة بقيت ظاهرة لأسبوع.‏ فترجاني ان  اغفر له ووعدني الا يعيد الكرة ابدا.‏ ولكن كم مرة سمعت هذه الكلمات في السنوات اللاحقة!‏

تروي:‏ كنت افقد اعصابي لأتفه الاسباب كالتأخر في اعداد الطعام.‏ كما اوسعتها ضربا ذات مرة بمسدسي.‏ ومرة اخرى،‏ ضربتها حتى ظننت انني قتلتها.‏ ثم حاولت تخويفها،‏ فوضعت سكينا على عنق ابننا مهدِّدا بقتله.‏

ڤاليري:‏ عشت في رعب دائم.‏ وأحيانا اضطررت الى الفرار من المنزل الى ان يهدأ زوجي.‏ ولكن رغم كل ما عانيته،‏ وجدت العنف اللفظي اصعب من العنف الجسدي.‏

هل كنت عنيفا منذ الصغر؟‏

تروي:‏ نعم،‏ فقد نشأت في جو عنيف لأن والدي كثيرا ما كان يضرب والدتي امامي.‏ وبعد رحيله،‏ عاشت امي مع رجل آخر اعتاد التهجم عليها ايضا.‏ كما انه اغتصبنا انا وأختي.‏ فحُكم عليه بالسجن.‏ طبعا،‏ انا ادرك ان ايا من ذلك لا يبرر سلوكي.‏

لمَ بقيت متزوجة منه؟‏

ڤاليري:‏ بسبب الخوف.‏ فقد قلت في نفسي:‏ ‹ماذا لو تعقبني وقتلني انا او والديَّ؟‏ وماذا لو ساءت الامور بعد الابلاغ عنه؟‏›.‏

متى تغير مجرى الامور؟‏

تروي:‏ بدأت زوجتي بدرس الكتاب المقدس مع شهود يهوه.‏ في البداية،‏ غرت من اصدقائها الجدد وظننت ان من واجبي انقاذها من هذه «البدعة» الغريبة.‏ فصرت اكثر عنفا معها ومع الشهود ايضا.‏ ولكن ذات يوم،‏ أُدخل ابننا دانيال (‏٤ سنوات)‏ الذي عانى من نوبات الصرع الى المستشفى حيث بقي ثلاثة اسابيع تقريبا.‏ وقد وقف الشهود الى جانبنا في تلك الفترة.‏ فاهتموا مثلا بابنتنا دزيريه البالغة من العمر ٦ سنوات.‏ كما ان احد الشهود لازم دانيال طوال النهار بعد دوامه الليلي كي يتسنى لڤاليري اخذ قسط من الراحة.‏ فتأثرت كثيرا بلطفهم،‏ وخصوصا بعدما عاملتهم بوقاحة شديدة.‏ فأدركت انهم يتصرفون كمسيحيين حقيقيين،‏ لذا طلبت منهم درسا في الكتاب المقدس.‏  وأثناء الدرس،‏ تعلمت كيف يجب ان يعامل الرجل زوجته وأية تصرفات عليه الامتناع عنها.‏ فتخليت عن سلوكي العنيف والمسيء وفتحت صفحة جديدة.‏ وفي نهاية المطاف،‏ اصبحت واحدا من شهود يهوه.‏

اية مبادئ من الكتاب المقدس ساعدتك ان تتغير؟‏

تروي:‏ في الحقيقة استفدت من مبادئ عديدة.‏ فبطرس الاولى ٣:‏٧ توصي الزوج بإعطاء زوجته «كرامة».‏ وغلاطية ٥:‏٢٣ تحث على تنمية «الوداعة» و «ضبط النفس».‏ كما تدين افسس ٤:‏٣١ ‹كلام الاهانة›.‏ اما العبرانيين ٤:‏١٣ فتقول ان «كل شيء .‏ .‏ .‏ مكشوف» لله.‏ لذلك فإن الله يرى سلوكي ولو لم يره الجيران.‏ وتعلمت ايضا ان عليّ تغيير اصدقائي بما ان «المعاشرات الرديئة تفسد العادات النافعة».‏ (‏١ كورنثوس ١٥:‏٣٣‏)‏ فأصدقائي القدماء شجعوني على سلوكي العنيف.‏ فلا مشكلة في ضرب المرأة بهدف ابقائها «تحت السيطرة» على حد قولهم.‏

كيف تنظران الى زواجكما اليوم؟‏

ڤاليري:‏ مرت ٢٥ سنة منذ اصبح تروي واحدا من شهود يهوه.‏ ومذاك وهو يعاملني حقا بمحبة ولطف ويأخذ مشاعري بعين الاعتبار.‏

تروي:‏ لا يمكنني ان امحو الاذى والالم اللذين انزلتهما بعائلتي.‏ ولا شك ان زوجتي لم تستحق قط ان اعاملها بهذه الطريقة.‏ لكني اترقب بشوق اتمام اشعيا ٦٥:‏١٧ حين تصبح هذه الفترة المظلمة من حياتنا في طيّ النسيان.‏

اي نصيحة يقدمها كل منكما للعائلات التي يبتليها العنف المنزلي؟‏

تروي:‏ اذا كنت تلحق بعائلتك اذى جسديا او شفهيا،‏ فاعترف انك بحاجة الى المساعدة.‏ ولا تتوانَ عن طلبها،‏ فهي متوفرة لك.‏ بالنسبة الي،‏ كان درس الكتاب المقدس مع شهود يهوه ومعاشرتهم طوق النجاة الذي خلَّصني من الطبع العنيف المتأصل فيّ عميقا.‏

ڤاليري:‏ لا تتسرعي في مقارنة وضعك بوضع الآخرين او في اتباع نصائح مَن يعتقدون انهم يعرفون ما فيه مصلحتك.‏ صحيح اننا لا نبلغ جميعا النتيجة نفسها،‏ لكني مسرورة بأنني لم اتخلَّ عن زواجي.‏ فنحن نتمتع اليوم بعلاقة جيدة.‏

انهاء العنف في المنزل

يساعد درس الكتاب المقدس رجالا كثيرين على صنع التغييرات اللازمة

يقول الكتاب المقدس:‏ «كل الاسفار المقدسة موحى بها من الله ونافعة للتعليم،‏ والتوبيخ،‏ والتقويم».‏ (‏٢ تيموثاوس ٣:‏١٦‏)‏ وعلى غرار تروي،‏ يطبق العديد من ممارسي العنف المنزلي مشورته ويتمكنون من تبديل طريقة تفكيرهم وسلوكهم.‏

فهل تود ان تعرف المزيد عن المساعدة التي يقدمها الكتاب المقدس لتحسِّن زواجك؟‏ لمزيد من المعلومات،‏ تصفَّح موقع شهود يهوه الالكتروني www.‎jw.‎org او اتصل بهم في منطقتك.‏

^ ‎الفقرة 3‏ بعض الاسماء في هذه المقالة مستعارة.‏

^ ‎الفقرة 8‏ لا شك ان عددا لا بأس به من الرجال يقعون ضحية العنف الاسري.‏ لكن معظم مرتكبي الحوادث المبلَّغ عنها هم من الرجال.‏