«أَبقوا عقولكم مركزة في ما هو فوق»
«أَبْقُوا عُقُولَكُمْ مُرَكَّزَةً فِي مَا هُوَ فَوْقُ، لَا فِي مَا هُوَ عَلَى ٱلْأَرْضِ». — كو ٣:٢.
١، ٢ (أ) أَيُّ خَطَرٍ تَهَدَّدَ جَمَاعَةَ كُولُوسِّي فِي ٱلْقَرْنِ ٱلْأَوَّلِ؟ (ب) بِأَيِّ كَلِمَاتٍ حَثَّ بُولُسُ ٱلْإِخْوَةَ فِي كُولُوسِّي أَنْ يُحَافِظُوا عَلَى ثَبَاتِهِمْ؟
لِنَعُدْ بِٱلزَّمَنِ إِلَى ٱلْوَرَاءِ إِلَى ٱلْقَرْنِ ٱلْأَوَّلِ ٱلْمِيلَادِيِّ وَلْنَرَ ٱلْخَطَرَ ٱلَّذِي يَتَهَدَّدُ جَمَاعَةَ كُولُوسِّي ٱلْمَسِيحِيَّةَ. اَلْبَعْضُ مِنْ دَاخِلِ ٱلْجَمَاعَةِ يَزْرَعُونَ بُذُورَ ٱلشِّقَاقِ إِذْ يَدْعُونَ ٱلْجَمِيعَ إِلَى ٱلِٱلْتِزَامِ بِٱلشَّرِيعَةِ ٱلْمُوسَوِيَّةِ. وَٱلْبَعْضُ ٱلْآخَرُ يُؤَيِّدُونَ فَلْسَفَةَ ٱلزُّهْدِ ٱلْوَثَنِيَّةَ ٱلَّتِي تَدْعُو إِلَى ٱلتَّطَرُّفِ فِي إِنْكَارِ ٱلذَّاتِ. وَلِلرَّدِّ عَلَى هٰذِهِ ٱلتَّعَالِيمِ ٱلْخَاطِئَةِ، يَبْعَثُ ٱلرَّسُولُ بُولُسُ بِرِسَالَةٍ مُشَجِّعَةٍ يُحَذِّرُ فِيهَا ٱلْكُولُوسِّيِّينَ قَائِلًا: «اِحْذَرُوا لِئَلَّا يَسْبِيَكُمْ أَحَدٌ بِٱلْفَلْسَفَةِ وَٱلْخِدَاعِ ٱلْفَارِغِ حَسَبَ تَقْلِيدِ ٱلنَّاسِ، حَسَبَ مَبَادِئِ ٱلْعَالَمِ ٱلْأَوَّلِيَّةِ وَلَيْسَ حَسَبَ ٱلْمَسِيحِ». — كو ٢:٨.
٢ فَلَوْ رَكَّزَ أُولٰئِكَ ٱلْمَسِيحِيُّونَ ٱلْمَمْسُوحُونَ عُقُولَهُمْ عَلَى «مَبَادِئِ ٱلْعَالَمِ ٱلْأَوَّلِيَّةِ»، لَكَانُوا فِي ٱلْوَاقِعِ يَرْفُضُونَ مَا أَعَدَّهُ يَهْوَهُ لِخَلَاصِهِمْ. (كو ٢:
٣ (أ) أَيُّ رَجَاءٍ يُبْقِيهِ ٱلْمَسِيحِيُّونَ ٱلْمَمْسُوحُونَ فِي بَالِهِمْ؟ (ب) أَيُّ سُؤَالَيْنِ تَتَنَاوَلُهُمَا هٰذِهِ ٱلْمَقَالَةُ؟
٣ اَلْيَوْمَ أَيْضًا، يُبْقِي ٱلْمَسِيحِيُّونَ ٱلْمَمْسُوحُونَ عُقُولَهُمْ مُرَكَّزَةً عَلَى مَلَكُوتِ ٱللهِ ٱلسَّمَاوِيِّ وَعَلَى رَجَائِهِمْ أَنْ يَكُونُوا «شُرَكَاءَ ٱلْمَسِيحِ فِي ٱلْمِيرَاثِ». (رو ٨:
مَاذَا يَعْنِي إِبْقَاءُ عُقُولِنَا مُرَكَّزَةً فِي مَا هُوَ فَوْقُ؟
٤ كَيْفَ يُبْقِي ٱلْخِرَافُ ٱلْأُخَرُ عُقُولَهُمْ مُرَكَّزَةً فِي مَا هُوَ فَوْقُ؟
٤ رَغْمَ أَنَّ ٱلْخِرَافَ ٱلْأُخَرَ رَجَاؤُهُمْ أَرْضِيٌّ، بِإِمْكَانِهِمْ هُمْ أَيْضًا أَنْ يُرَكِّزُوا عُقُولَهُمْ فِي مَا هُوَ فَوْقُ. كَيْفَ؟ حِينَ يَكُونُ يَهْوَهُ ٱللهُ وَمَصَالِحُ ٱلْمَلَكُوتِ فِي ٱلْمَرْتَبَةِ ٱلْأُولَى فِي حَيَاتِهِمْ. (لو ١٠:
٥ كَيْفَ نَفْحَصُ ذَاتَنَا فِي مَا يَتَعَلَّقُ بِٱلْمَسَاعِي ٱلْمَادِّيَّةِ؟
٥ لِذَا ٱسْأَلْ نَفْسَكَ: ‹هَلْ تَسَلَّلَتْ نَظْرَةُ ٱلْعَالَمِ ٱلْمَادِّيَّةُ إِلَى تَفْكِيرِي؟›. تَكْشِفُ عَادَةً أَفْكَارُ ٱلْمَرْءِ وَتَصَرُّفَاتُهُ عَنِ ٱلْأُمُورِ ٱلَّتِي يُحِبُّهَا. قَالَ يَسُوعُ: «حَيْثُ يَكُونُ كَنْزُكَ هُنَاكَ يَكُونُ قَلْبُكَ أَيْضًا». (مت ٦:٢١) وَكَيْ نُحَدِّدَ إِلَى أَيِّ سَبِيلٍ يَقُودُنَا قَلْبُنَا، يَحْسُنُ بِنَا أَنْ نَفْحَصَ ذَاتَنَا مِنْ حِينٍ إِلَى آخَرَ. مَثَلًا، كَمْ مِنَ ٱلْوَقْتِ نَقْضِي وَنَحْنُ نُفَكِّرُ فِي ٱلْمَسَائِلِ ٱلْمَالِيَّةِ؟ هَلِ ٱلِٱزْدِهَارُ ٱلْمَادِّيُّ، ٱلِٱسْتِثْمَارَاتُ، وَٱلْعَيْشُ بِرَفَاهِيَةٍ هِيَ شُغْلُنَا ٱلشَّاغِلُ، أَمْ إِنَّنَا نُجَاهِدُ كَيْ نُبْقِيَ عَيْنَنَا بَسِيطَةً وَمُرَكَّزَةً عَلَى ٱلْأُمُورِ ٱلرُّوحِيَّةِ؟ (مت ٦:٢٢) لِنُبْقِ فِي بَالِنَا تَنْبِيهَ يَسُوعَ أَنَّ كُلَّ مَنْ يَصُبُّ ٱهْتِمَامَهُ عَلَى ‹ٱدِّخَارِ كُنُوزٍ عَلَى ٱلْأَرْضِ› يُعَرِّضُ رُوحِيَّاتِهِ لِخَطَرٍ كَبِيرٍ. — مت ٦:
٦ مَا ٱلسَّبِيلُ إِلَى ٱلنَّجَاحِ فِي حَرْبِنَا ضِدَّ أَهْوَاءِ ٱلْجَسَدِ؟
٦ عِلَاوَةً عَلَى ذٰلِكَ، يَجُرُّنَا جَسَدُنَا ٱلنَّاقِصُ كَيْ نَنْقَادَ وَرَاءَ شَهَوَاتِنَا. (اقرأ روما ٧:
إِبْرَاهِيمُ «آمَنَ بِيَهْوَهَ»
٧، ٨ (أ) أَيَّةُ صُعُوبَاتٍ وَاجَهَهَا إِبْرَاهِيمُ وَسَارَةُ؟ (ب) عَلَامَ رَكَّزَ إِبْرَاهِيمُ تَفْكِيرَهُ؟
٧ أَطَاعَ إِبْرَاهِيمُ عَنْ طِيبِ خَاطِرٍ حِينَ طَلَبَ مِنْهُ يَهْوَهُ أَنْ يَنْتَقِلَ هُوَ وَأَهْلُ بَيْتِهِ إِلَى أَرْضِ تك ١٢:٢) وَلٰكِنْ مَرَّتِ ٱلسِّنُونَ وَلَمْ يُرْزَقْ إِبْرَاهِيمُ وَزَوْجَتُهُ سَارَةُ بِٱلْأَوْلَادِ، كَأَنَّمَا ٱللهُ نَسِيَ وَعْدَهُ! وَٱلْحَيَاةُ فِي كَنْعَانَ هِيَ ٱلْأُخْرَى لَمْ تَكُنْ مَفْرُوشَةً بِٱلْوُرُودِ أَمَامَهُمَا. فَإِبْرَاهِيمُ وَعَائِلَتُهُ تَرَكُوا مَوْطِنَهُمْ وَأَقَارِبَهُمْ فِي أُورَ، مَدِينَةٍ مُزْدَهِرَةٍ فِي بِلَادِ مَا بَيْنَ ٱلنَّهْرَيْنِ، وَسَافَرُوا مَسَافَةً تَزِيدُ عَلَى ١٬٦٠٠ كلم لِيَصِلُوا إِلَى كَنْعَانَ حَيْثُ سَكَنُوا فِي خِيَامٍ وَٱخْتَبَرُوا ٱلْجُوعَ وَتَعَرَّضُوا لِلنَّهْبِ. (تك ١٢:
٨ فَٱلْأَبُ ٱلْجَلِيلُ إِبْرَاهِيمُ «آمَنَ بِيَهْوَهَ». (تك ١٥:٦) وَبَدَلَ أَنْ يَصُبَّ تَرْكِيزَهُ فِي «مَا هُوَ عَلَى ٱلْأَرْضِ»، وَجَّهَ ٱنْتِبَاهَهُ إِلَى مَا هُوَ فَوْقُ مُتَأَمِّلًا فِي وُعُودِ ٱللهِ. وَنَتِيجَةً لِذٰلِكَ، كَافَأَهُ ٱللهُ ٱلْعَلِيُّ عَلَى إِيمَانِهِ إِذْ ظَهَرَ لَهُ قَائِلًا: «‹مِنْ فَضْلِكَ، ٱرْفَعْ نَظَرَكَ إِلَى ٱلسَّمَاءِ وَأَحْصِ ٱلنُّجُومَ إِنِ ٱسْتَطَعْتَ أَنْ تُحْصِيَهَا›. وَقَالَ لَهُ: ‹هٰكَذَا يَكُونُ نَسْلُكَ›». (تك ١٥:٥) تَخَيَّلْ كَمِ ٱرْتَاحَ بَالُ إِبْرَاهِيمَ دُونَ شَكٍّ حِينَ سَمِعَ هٰذِهِ ٱلْكَلِمَاتِ! فَكَانَ كُلَّمَا رَفَعَ نَظَرَهُ وَرَأَى ٱلسَّمٰوَاتِ ٱلْمُرَصَّعَةَ بِٱلنُّجُومِ، يَتَذَكَّرُ وَعْدَ يَهْوَهَ لَهُ بِتَكْثِيرِ نَسْلِهِ. وَفِي وَقْتِ ٱللهِ ٱلْمُعَيَّنِ، تَحَقَّقَ هٰذَا ٱلْوَعْدُ وَرُزِقَ إِبْرَاهِيمُ بِوَرِيثٍ. — تك ٢١:
٩ كَيْفَ نَقْتَدِي بِإِبْرَاهِيمَ؟
٩ عَلَى غِرَارِ إِبْرَاهِيمَ، نَحْنُ نَنْتَظِرُ إِتْمَامَ وُعُودِ ٱللهِ. (٢ بط ٣:١٣) وَلٰكِنْ إِذَا لَمْ نُبْقِ عُقُولَنَا مُرَكَّزَةً فِي مَا هُوَ فَوْقُ، فَقَدْ نَشْعُرُ أَنَّ يَهْوَهَ تَأَخَّرَ فِي إِتْمَامِ وُعُودِهِ وَنَتَقَاعَسُ عَنِ ٱلْمُثَابَرَةِ فِي نَشَاطَاتِنَا ٱلرُّوحِيَّةِ. عَلَى سَبِيلِ ٱلْمِثَالِ، هَلْ بَذَلْتَ ٱلتَّضْحِيَاتِ فِي ٱلْمَاضِي كَيْ تَنْهَمِكَ فِي خِدْمَةِ ٱلْفَتْحِ أَوْ تُوَسِّعَ خِدْمَتَكَ؟ إِنْ فَعَلْتَ ذٰلِكَ فَهَنِيئًا لَكَ. وَلٰكِنْ مَاذَا عَنِ ٱلْوَقْتِ ٱلْحَاضِرِ؟ لَا يَغِبْ عَنْ بَالِكَ مِثَالُ إِبْرَاهِيمَ ٱلَّذِي بَقِيَ مُرَكِّزًا عَلَى «ٱلْمَدِينَةِ ٱلَّتِي لَهَا أَسَاسَاتٌ حَقِيقِيَّةٌ». (عب ١١:١٠) نَقْرَأُ عَنْهُ: «مَارَسَ إِبْرَاهِيمُ ٱلْإِيمَانَ بِيَهْوَهَ، فَحُسِبَ لَهُ ذٰلِكَ بِرًّا». — رو ٤:٣.
مُوسَى رَأَى «مَنْ لَا يُرَى»
١٠ أَيَّ حَيَاةٍ عَاشَ مُوسَى فِي صِبَاهُ؟
١٠ مُوسَى رَجُلٌ آخَرُ بَقِيَ مُرَكِّزًا فِي مَا هُوَ فَوْقُ. فَفِي شَبَابِهِ، «تَلَقَّى . . . ٱلْإِرْشَادَ فِي حِكْمَةِ ٱلْمِصْرِيِّينَ كُلِّهَا». وَهٰذَا ٱلتَّعْلِيمُ لَمْ يَكُنْ عَادِيًّا أَلْبَتَّةَ. فَمِنْ جِهَةٍ، كَانَتْ مِصْرُ هِيَ ٱلْقُوَّةَ ٱلْعُظْمَى فِي ذٰلِكَ ٱلزَّمَانِ. وَمِنْ جِهَةٍ أُخْرَى، كَانَ مُوسَى يَعِيشُ فِي بَلَاطِ فِرْعَوْنَ. هَلْ مِنْ عَجَبٍ إِذًا أَنْ يُصْبِحَ «مُقْتَدِرًا فِي كَلَامِهِ وَأَعْمَالِهِ»؟ (اع ٧:٢٢) تَخَيَّلِ ٱلْفُرَصَ ٱلْعَدِيدَةَ ٱلَّتِي أُتِيحَتْ لَهُ بِفَضْلِ ثَقَافَتِهِ ٱلْعَالِيَةِ. وَلٰكِنْ رَغْمَ كُلِّ ذٰلِكَ، لَمْ يَشْغَلْ مُوسَى فِكْرَهُ إِلَّا بِٱلْأَهْدَافِ ٱلسَّامِيَةِ، أَلَا وَهِيَ إِتْمَامُ مَشِيئَةِ ٱللهِ.
١١، ١٢ أَيُّ تَعْلِيمٍ قَدَّرَهُ مُوسَى حَقَّ ٱلتَّقْدِيرِ، وَمَا ٱلدَّلِيلُ؟
١١ لَا شَكَّ أَنَّ وَالِدَةَ مُوسَى يُوكَابَدَ عَلَّمَتْهُ فِي صِغَرِهِ عَنْ إِلٰهِ ٱلْعِبْرَانِيِّينَ. وَمُوسَى بِدَوْرِهِ قَدَّرَ مَعْرِفَةَ يَهْوَهَ حَقَّ ٱلتَّقْدِيرِ مُعْتَبِرًا أَنَّهَا تَفُوقُ كُلَّ ٱلْكُنُوزِ ٱلْأُخْرَى قِيمَةً. وَهٰذَا مَا دَفَعَهُ أَنْ يَتَنَازَلَ عَنِ ٱلِٱمْتِيَازَاتِ وَٱلْفُرَصِ ٱلْمُتَاحَةِ لَهُ بِسَبَبِ عَيْشِهِ فِي بَلَاطِ فِرْعَوْنَ. (اقرإ العبرانيين ١١:
١٢ وَمَعَ أَنَّ هٰذَا ٱلشَّابَّ تَعَلَّمَ أَحْسَنَ تَعْلِيمٍ دُنْيَوِيٍّ فِي أَيَّامِهِ، لَمْ يَسْتَثْمِرْهُ قَطُّ فِي عَمَلِهِ بِمِصْرَ
وَلَا ٱسْتَغَلَّهُ لِيَجْمَعَ ثَرْوَةً وَلَا ٱسْتَفَادَ مِنْهُ لِيَصْنَعَ ٱسْمًا شَهِيرًا لِنَفْسِهِ. فَلَوْ فَعَلَ ذٰلِكَ، لَمَا «أَبَى أَنْ يُدْعَى ٱبْنَ ٱبْنَةِ فِرْعَوْنَ» وَلَمَا «ٱخْتَارَ أَنْ تُسَاءَ مُعَامَلَتُهُ مَعَ شَعْبِ ٱللهِ عَلَى ٱلتَّمَتُّعِ ٱلْوَقْتِيِّ بِٱلْخَطِيَّةِ». عَلَى ضَوْءِ ذٰلِكَ، مِنَ ٱلْبَيِّنِ أَنَّ مُوسَى ٱسْتَخْدَمَ ٱلتَّعْلِيمَ ٱلرُّوحِيَّ لِيُسَاهِمَ فِي إِتْمَامِ مَقَاصِدِ يَهْوَهَ.١٣، ١٤ (أ) كَيْفَ أَهَّلَ يَهْوَهُ مُوسَى لِلتَّعْيِينِ ٱلْمُوكَلِ إِلَيْهِ؟ (ب) كَيْفَ نَقْتَدِي بِمُوسَى؟
١٣ اِهْتَمَّ مُوسَى ٱهْتِمَامًا شَدِيدًا بِيَهْوَهَ وَبِشَعْبِهِ. وَفِي عُمْرِ ٱلْأَرْبَعِينَ، ظَنَّ أَنَّهُ بَاتَ مُسْتَعِدًّا لِتَحْرِيرِهِمْ مِنَ ٱلْعُبُودِيَّةِ فِي مِصْرَ. (اع ٧:
١٤ فَهَلِ ٱسْتَفَادَ مُوسَى مِنْ هٰذَا ٱلتَّدْرِيبِ ٱلْعَمَلِيِّ؟ بِكُلِّ تَأْكِيدٍ. تَقُولُ عَنْهُ كَلِمَةُ ٱللهِ إِنَّهُ أَصْبَحَ «حَلِيمًا جِدًّا أَكْثَرَ مِنْ جَمِيعِ ٱلنَّاسِ ٱلَّذِينَ عَلَى وَجْهِ ٱلْأَرْضِ». (عد ١٢:٣) فَقَدْ نَمَّى مُوسَى صِفَةَ ٱلتَّوَاضُعِ ٱلَّتِي مَكَّنَتْهُ أَنْ يَتَعَامَلَ بِصَبْرٍ مَعَ شَتَّى ٱلنَّاسِ وَيَحُلَّ مَشَاكِلَهُمُ ٱلصَّعْبَةَ. (خر ١٨:٢٦) وَنَحْنُ بِدَوْرِنَا يَلْزَمُ أَنْ نُنَمِّيَ صِفَاتٍ رُوحِيَّةً تُؤَهِّلُنَا أَنْ نَجْتَازَ «ٱلضِّيقَ ٱلْعَظِيمَ» وَنَدْخُلَ عَالَمَ ٱللهِ ٱلْجَدِيدَ ٱلْبَارَّ. (رؤ ٧:١٤) فَهَلْ بِمَقْدُورِنَا أَنْ نَكُونَ وَدُودِينَ مَعَ ٱلْجَمِيعِ حَتَّى ٱلَّذِينَ نَعْتَبِرُهُمْ مِزَاجِيِّينَ أَوْ حَسَّاسِينَ بِإِفْرَاطٍ؟ لِنَتَذَكَّرْ فِي هٰذَا ٱلصَّدَدِ كَلِمَاتِ ٱلرَّسُولِ بُطْرُسَ ٱلَّذِي حَثَّ رُفَقَاءَهُ ٱلْمُؤْمِنِينَ قَائِلًا: «أَكْرِمُوا شَتَّى ٱلنَّاسِ، أَحِبُّوا كَامِلَ مَعْشَرِ ٱلْإِخْوَةِ». — ١ بط ٢:١٧.
لِنُبْقِ عُقُولَنَا مُرَكَّزَةً فِي مَا هُوَ فَوْقُ
١٥، ١٦ (أ) مَا أَهَمِّيَّةُ إِبْقَاءِ عُقُولِنَا مُرَكَّزَةً فِي مَا هُوَ صَائِبٌ؟ (ب) لِمَاذَا يَلْزَمُ أَنْ يُحَافِظَ ٱلْمَسِيحِيُّونَ عَلَى سُلُوكِهِمِ ٱلْجَيِّدِ؟
١٥ نَعِيشُ نَحْنُ ٱلْيَوْمَ «أَزْمِنَةً حَرِجَةً». (٢ تي ٣:١) وَكَيْ نَظَلَّ يَقِظِينَ رُوحِيًّا، مِنَ ٱلْمُهِمِّ أَنْ نُبْقِيَ عُقُولَنَا مُرَكَّزَةً فِي مَا هُوَ فَوْقُ. (١ تس ٥:
١٦ سُلُوكُنَا: أَدْرَكَ بُطْرُسُ أَهَمِّيَّةَ ٱلسُّلُوكِ ٱلْجَيِّدِ، فَحَثَّنَا قَائِلًا: «حَافِظُوا عَلَى سُلُوكِكُمُ ٱلْحَسَنِ بَيْنَ ٱلْأُمَمِ، لِيَكُونُوا فِي مَا يَتَكَلَّمُونَ عَلَيْكُمْ كَفَاعِلِي سُوءٍ، يُمَجِّدُونَ ٱللهَ . . . نَتِيجَةَ أَعْمَالِكُمُ ٱلْحَسَنَةِ ٱلَّتِي هُمْ شُهُودُ عِيَانٍ لَهَا». (١ بط ٢:١٢) وَمِنْ هُنَا، نَحْنُ نَبْذُلُ قُصَارَى جُهْدِنَا لِنُمَجِّدَ يَهْوَهَ مِنْ خِلَالِ سُلُوكِنَا ٱلْحَسَنِ سَوَاءٌ كُنَّا نَعْمَلُ أَوْ نَتَسَلَّى أَوْ نَخْدُمُ، أَوْ سَوَاءٌ كُنَّا فِي ٱلْمَنْزِلِ أَوِ ٱلْمَدْرَسَةِ أَوْ أَيِّ مَكَانٍ آخَرَ. صَحِيحٌ أَنْ لَا أَحَدَ مَعْصُومٌ مِنَ ٱلْخَطَإِ، وَلٰكِنْ إِنْ دَاوَمْنَا عَلَى ٱلْمُجَاهَدَةِ «جِهَادَ ٱلْإِيمَانِ ٱلْحَسَنَ»، نَرْبَحُ ٱلْمَعْرَكَةَ ضِدَّ جَسَدِنَا ٱلنَّاقِصِ. — رو ٣:٢٣؛ ١ تي ٦:١٢.
١٧ كَيْفَ نَقْتَدِي بِٱلْمَوْقِفِ ٱلْعَقْلِيِّ ٱلَّذِي كَانَ عِنْدَ ٱلْمَسِيحِ يَسُوعَ؟ (اُنْظُرِ ٱلصُّورَةَ فِي مُسْتَهَلِّ ٱلْمَقَالَةِ.)
١٧ مَوْقِفُنَا: يَرْتَبِطُ ٱلسُّلُوكُ ٱلْحَسَنُ ٱرْتِبَاطًا وَثِيقًا بِحِيَازَةِ مَوْقِفٍ صَائِبٍ. قَالَ ٱلرَّسُولُ بُولُسُ: «لِيَبْقَ فِيكُمْ هٰذَا ٱلْمَوْقِفُ ٱلْعَقْلِيُّ ٱلَّذِي كَانَ أَيْضًا فِي ٱلْمَسِيحِ يَسُوعَ». (في ٢:٥) فَأَيُّ مَوْقِفٍ تَحَلَّى بِهِ يَسُوعُ؟ لَقَدْ كَانَ شَخْصًا مُتَوَاضِعًا. وَهٰذَا مَا دَفَعَهُ أَنْ يَبْذُلَ نَفْسَهُ فِي خِدْمَتِهِ. وَٱلْكِرَازَةُ بِبِشَارَةِ مَلَكُوتِ ٱللهِ شَغَلَتِ ٱلْحَيِّزَ ٱلْأَكْبَرَ مِنْ تَفْكِيرِهِ. (مر ١:٣٨؛ ١٣:١٠) كَمَا ٱعْتَبَرَ أَنَّ كَلِمَةَ ٱللهِ هِيَ ٱلْمَرْجِعِيَّةُ ٱلْأُولَى وَٱلْأَخِيرَةُ. (يو ٧:١٦؛ ) وَقَدْ دَرَسَ ٱلْأَسْفَارَ ٱلْمُقَدَّسَةَ بِدَأَبٍ بِهَدَفِ ٱلِٱقْتِبَاسِ مِنْهَا، شَرْحِهَا، وَٱلدِّفَاعِ عَنْهَا. وَنَحْنُ كَذٰلِكَ إِذَا كُنَّا مُتَوَاضِعِينَ وَغَيُورِينَ فِي خِدْمَتِنَا وَدَرْسِنَا ٱلْكِتَابَ ٱلْمُقَدَّسَ، نَصِيرُ أَقْرَبَ إِلَى ٱلْمَسِيحِ فِي نَمَطِ تَفْكِيرِنَا. ٨:٢٨
١٨ كَيْفَ نَدْعَمُ عَمَلَ يَهْوَهَ؟
١٨ جُهُودُنَا: قَصَدَ يَهْوَهُ أَنْ «تَنْحَنِيَ بِٱسْمِ يَسُوعَ كُلُّ رُكْبَةٍ مِمَّنْ فِي ٱلسَّمَاءِ وَمَنْ عَلَى ٱلْأَرْضِ». (في ٢:
١٩ عَلَامَ يَنْبَغِي أَنْ نَعْقِدَ ٱلْعَزْمَ؟
١٩ فِي ٱلْخِتَامِ، أَوَلَسْنَا شَاكِرِينَ مِنْ أَعْمَاقِ قُلُوبِنَا لِيَهْوَهَ، إِذْ يَحُثُّنَا دَائِمًا عَلَى إِبْقَاءِ عُقُولِنَا مُرَكَّزَةً فِي مَا هُوَ فَوْقُ؟! وَلٰكِنْ كَيْ لَا تَتَشَتَّتَ عُقُولُنَا، عَلَيْنَا أَنْ «نَرْكُضَ بِٱحْتِمَالٍ فِي ٱلسِّبَاقِ ٱلْمَوْضُوعِ أَمَامَنَا». (عب ١٢:١) فَلْنَعْقِدِ ٱلْعَزْمَ إِذًا عَلَى ٱلْعَمَلِ «مِنْ كُلِّ ٱلنَّفْسِ كَمَا لِيَهْوَهَ»، وَلْنَثِقْ أَنَّ أَبَانَا ٱلسَّمَاوِيَّ سَيُبَارِكُ جُهُودَنَا ٱلصَّادِقَةَ. — كو ٣: